“لن يكون الرئيس التونسي قادرا على الاستجابة للمطالب الشعبية”

سبتمبر 2021
حوار من قبل سفيان فيليب ناصر/ مؤسسة روزا لوكسمبورغ

مقابلة مع الباحث التونسي محمد ضياء همامي

 

أقال الرئيس التونسي قيس سعيّد، في 25 جويلية 2021، رئيسَ الوزراء هشام المشيشي وجمّد أنشطة البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه. ويعتبرالكثيرون أن استيلاء سعيّد على السلطة هو محطّ جدل وغير دستوري، ولكنه أيضا أحيى الآمال في جميع أنحاء البلاد بأن هذا التدخل قد ينهي الحصار السياسي طويل الأمد في تونس ويمهد الطريق للسلطات في نهاية المطاف لمعالجة الصراع الاجتماعي والاقتصادي الخطير الذي تواجهه فئات كثيرة من المجتمع.

وبهذه المناسبة، أطلقت مؤسسة روزا لوكسمبورغ – مكتب شمال أفريقيا سلسلة من المقابلات مع نشطاء وممثلي المجتمع المدني وأكاديميين من تونس حول الأحداث الأخيرة وكيف يمكن أن تتطور الأمور في الأشهر المقبلة. تحدث سفيان فيليب ناصر من روزا لوكسمبورغ – مكتب شمال أفريقيا إلى الباحث والحاصل على الدكتوراه من مدرسة ماكسويل للمواطنة والشؤون العامة في جامعة سيراكيوز في الولايات المتحدة محمد ضياء همامي حول سبب الفشل المحتمل لتدخل قيس سعيّد في تلبية تطلعات الناس، وحول تأثير المؤسسات المالية التونسية والدولية في السياسة التونسية، ولماذا لا يمكن اعتبار البرلمان المكون الأساسي للنظام السياسي. أجريت المقابلة في منتصف شهر أوت 2021.

 

بعد 25 جويلية كان هناك الكثير من التفاؤل والأمل في أن يؤدي تدخل قيس سعيّد إلى تغيير حقيقي في تونس. هل يمكنه قيادة التغيير الذي يأمله الناس؟

 

كان الرد المباشر على إعلان قيس سعيّد إيجابياً. وبالنسبة لردود الفعل المباشرة، فقد كانت هناك انقسامات بين مؤيديه بشكل علني، مثل الأحزاب القومية كحزب الوطد وحزب الشعب، وبين من وصفوه بانقلاب وعارضوه، مثل حزب النهضة الإسلامي وحزب العمال لحمّة همامي. (المعروف سابقًا باسم حزب العمال الشيوعي). لذلك فحتى بين اليسار هناك نوع من المعارضة. وكان هناك آخرون مشككين أو منقسمين، بما في ذلك الاتحاد العام التونسي للشغل الذي لم تتمكن قيادته، أي مجلسه التنفيذي، من التوصل إلى اتفاق أو قرار فوري إذ منعت عدة عوامل مثل الانقسامات الأيديولوجية الداخلية الاتحاد العام التونسي للشغل من اتخاذ موقف سريع فيما يتعلق بما حدث وما إذا كان سيدعمه أم لا. كما يتجنب بعض قادة الاتحاد العام التونسي للشغل استخدام كلمة “انقلاب” منذ ذلك الحين لأنهم يعتقدون أن هذا النقاش غير ذي صلة وغير بناء. فوصف ما حدث بالانقلاب سيمنع الاتحاد العام التونسي للشغل من التوسط والدخول في مفاوضات. لذا لم تكن ردود الفعل الفورية تتعلق فقط بالإعلان عن المواقف المبنية على مبادئ، أو إظهار بعض الالتزام بالشكليات والقوانين والأنظمة. لقد كانت المواقف نتيجة للمداولات العقلانية. بالإضافة إلى ذلك فقد رأينا ردود فعل إيجابية من قبل العديد من الناس الذين خرجوا إلى الشوارع للاحتفال في 25 جويلية، خاصة في المراكز الحضرية. ومع ذلك، في ولايات الجنوب، في تطاوين على سبيل المثال، يبدو أن الاحتجاجات لم تكن بنفس أهمية احتجاجات العاصمة تونس. لذلك لا ينبغي لنا أن نختصر ردود الفعل في تلك التي رأيناها في المراكز الحضرية.

 

استيلاء سعيّد على السلطة لا يزال يبعث على الأمل. هل يستطيع تحقيق هذا الأمل؟

علينا أن نفرق بين النخب وعامة الشعب. فالنخب المهتمة بالمكاسب السياسية والمدفوعة بالمواقف الأيديولوجية، تود أن ترى إما “تصحيحا للمسار الثوري” أو دفعا أكبر نحو القضاء على النظام أو استئصاله من جذوره. في حين كان آخرون أكثر اهتماما بالتخلص من النهضة، مثل أعضاء حزب الشعب الذين ما زالوا يعيدون إنتاج الصراع الأبدي بين الإخوان المسلمين والناصريين. لكن عامة الشعب لا تتصرف بالضرورة على أساس موقف أيديولوجي متماسك نسبيا. رد فعلهم هو تعبير عن مظالمهم ومعاناتهم. وقد كان رد فعلهم من موقعهم الاجتماعي وما يشعرون به، وليس بسبب فشل البرلمان أو السياسات الاقتصادية.

ليس البرلمان هو من يصمم السياسات الاقتصادية، وليس البرلمان هو من ينفذها أو يوزع الثروة. لكن هذا ما يشعر به الناس ويفكرون فيه وما يقال لهم. أنا هنا أشير إلى أولئك الذين خرجوا إلى الشوارع في 25 جويلية وطالبوا بحل البرلمان وهاجموا مكاتب النهضة وأعربوا عن استيائهم [من] الأحزاب السياسية وما يعتبرونه برلمانا غير تمثيلي. هم يرون أنه “النظام” لكنه ليس النظام. هو ليس سوى جزء منه. في الواقع، يُعتبر وصف النظام السياسي التونسي بالنظام البرلماني هو مبالغة لأن البرلمان لا يصيغ قوانين أو يحاسب الحكومة. كما أن المناقشات والمداولات حول السياسات الاقتصادية ليست بهذه الجدية. في الواقع، عندما ننظر إلى القوانين المتعلقة باللوائح الاقتصادية الرئيسية أو بالميزانية، فليس لدى البرلمان على الإطلاق مجال لتعديلها بشكل جوهري.

لكن يتم إخبار الناس عبر وسائل الإعلام بأن أساس المشكلة هو البرلمان. وأنا لا أعتقد أن البرلمان يمثل المكون الرئيسي للنظام أو أنه مسؤول حتى عن تصميم السياسات. البرلمان لا يتفوه بكلمة فيما يتعلق باتفاقيات القروض مع صندوق النقد الدولي. يوقع على هذه الاتفاقيات رئيس البنك المركزي ووزير المالية. وفي 25 جويلية، لم يحتج الناس أمام البنك المركزي أو وزارة المالية أو مقر الحكومة بالقصبة ولقد رأينا أشخاصا يعبرون عن مظالمهم تجاه ما يعتقدون أنه أصل المشكلة.

ومع ذلك، يبدو أن مستوى التفاؤل في تونس قد ارتفع بشكل كبير. أعتقد أن معظم التونسيين كانوا متفائلين بعد 25 جويلية. فهم كانوا يتوقعون أن يتخذ سعيّد إجراءات صارمة. وفي لقاء مع ممثلين عن اللوبي المالي، صرح سعيّد بأنه لا يفهم الاقتصاد. فكخبير في القانون الدستوري، الشيء الوحيد الذي يفهمه هو القانون. لذا فهو يتصرف من منظور مثالي وليس واقعي. وهذا ما يمنعه من الاستجابة لمظالم عامة الشعب التي سببها تدهور وضعهم المادي. المشكلة هنا هي أن السياسيين والإعلام يناقشون النظام السياسي والقوانين والدستور: الهيكل الفوقي. لكن عامة الشعب كانوا يتصرفون من واقعهم المادي. إنهم ليسوا مثاليين. ما أعنيه بالمثالية هو أن عامة الشعب غير مهتمة بالمناقشات حول القوانين أو الأحزاب أو أنواع الأنظمة أو الأنظمة السياسية. إنهم يهتمون بوضعهم المادي في المقام الأول.

 

ومع ذلك، كان بإمكان الناس أن يروا بوضوح خلال السنوات العشر الماضية أن المطالب الرئيسية للثورة في عام 2011، مثل الكرامة وتحسين الظروف المعيشية، لم يتم الوفاء بها وأن النظام الحالي لم يكن قادرا على تحقيقها. لذا فإن القول بأن الناس يتصرفون فقط من وجهة نظر مادية بحتة هو أمر مبالغ فيه إلى حد ما.

 

لا أعتقد ذلك فعندما أتحدث عن المثالية، أصفها بأنها تيار فكري يعارض المادية. وعندما أتحدث عن المادية، أشير إلى الظروف المعيشية والواقع الاقتصادي والوضع اليومي لكثير من الناس الذي تشكّله البنية التحتية. تمت مقارنة قيس سعيّد أكثر من مرة بالفيلسوف جان جاك روسو، حيث كان روسو يؤيد العدالة الاجتماعية لكنه اعتقد أنه يمكن تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال وجود برلمان تمثيلي قائم على الأفراد وليس الشركات وجماعات المصالح. وهذا لا يكفي.

نحتاج أيضا إلى طرح السؤال [حول] ما إذا كان الناس في تونس على دراية فعلية بالدستور، أو تعقيدات النظام السياسي، أو أنشطة البرلمان. هم ليسوا كذلك ففي الواقع هم لا يعرفون كيف يعمل البرلمان. إنهم لا يعرفون في الواقع كيف يتم تقسيم العمل السياسي بين مختلف فروع الحكومة. السلطة التنفيذية في تونس هي التي تصوغ القوانين وليس البرلمان. بالإضافة إلى ذلك، يتم الاستعانة بشركات محاماة خاصة لصياغة العديد من القوانين. ليس البرلمان والنظام السياسي هو الذي قادنا إلى الوضع الحالي. فسبب فشل سعيّد وأنصاره في الاستجابة للمطالب الشعبية وللتفاؤل الكبير لدى التونسيين هو تركيزهم على البنية الفوقية مثل القوانين واللوائح والدستور والإجراءات وتركيبة الحكومة. وإلى حد الآن، لم نر أي إجراء اتخذه سعيّد تجاه المكونات الرئيسية للنظام.

 

ما هي المكونات الرئيسية للنظام؟

 

أظهر بحثي أن أهم مكونات النظام الاجتماعي والاقتصادي في تونس هي البنوك والمؤسسات المالية. قال سعيّد صراحةً أنه لا يفهم الاقتصاد. ودعا ممثلين عن اللوبي المالي التونسي المكون من المديرين التنفيذيين وكبار مديري البنوك التونسية إلى القصر الرئاسي بعد أيام قليلة من انقلابه، ودعاهم إلى التعاون وتوقع بسذاجة أن يخفضوا قيمة الفائدة. الأمر الأكثر سخافة، وفي نفس الوقت هي مسألة ذات دلالة، هو أن أحد ممثلي اللوبي المالي قال بعد الاجتماع أنه سيأخذ “توصيات” سعيّد في الاعتبار. لم يعتبر هذا أمرا أو طلبا. وسعيّد لا يحاول حتى الإشارة إلى استعداده لتفكيك النظام فهو على استعداد للعمل مع الأوليغارشية الفاسدة الذين يكنزون الثروة، ويشاركون بشكل مباشر في تصميم السياسات الاقتصادية، والذين يتعاونون بشكل مباشر مع صندوق النقد الدولي. لهذا لا أعتقد أنه سيتمكن من الاستجابة للمطالب الشعبية. بما أن سعيّد لا يفقه علم الاقتصاد، فإن ممارسته للسلطة لن يؤدي إلى تحسين الظروف المعيشية للناس. هو يؤيد العدالة الاجتماعية ولديه نوايا حسنة ويدافع عن الفقراء والمظلومين. لكنه مثالي ويركز على البنية الفوقية ويعتقد حقًا أن هذا سيؤدي إلى التغيير.

تُعتبر الأحزاب السياسية بالنسبة إلى سعيّد مشكلة. قلتَ في مقابلة سابقة أنه يعتبرها “أدوات معادية للثورة وللاستيلاء على السلطة” و “آلات سياسية تسهل الوصول إلى السلطة للمرشحين” المزيفين “. ونحن نشهد الآن اعتقال نواب وليس رجال أعمال. هل يمكن أن نفترض أن سعيّد يحاول القضاء على إحدى الأدوات التي تستخدمها نخبة رجال الأعمال لممارسة السلطة؟

 

تُعتبر هذه الحجة منطقية، أجل. لكن دعونا ننظر إلى تبديل النواب في تونس منذ 2011. كم عدد النواب الذين نجحوا في إعادة انتخابهم؟ معدل تغييرهم مرتفع للغاية. يُعتبرالنواب هامشيين في هذا النظام وتُعتبر قوتهم النظامية هامشية. الأحزاب السياسية هي أدوات لممارسة السلطة ويستخدم النواب هذه الأداة للوصول إلى تلك السلطة. تسمح الأحزاب السياسية للأطراف الفاعلة من غير النخب بالوصول إلى السلطة، لكنها لا تضمن استقرار هذه الأطراف داخل النخبة. إنهم لا يمثلون رأس مال مالي، أو رأس مال ثقافي، أو رأس مال رمزي، بل لربما يمثلون رأس مال اجتماعي. وقد نجح بعض النواب في استخدام علاقاتهم مع رجال الأعمال للحصول على وظائف بأجر جيد في القطاع الخاص أو المؤسسات الدولية بعد تركهم للبرلمان. لكن التخلص من النواب لن يمنع ظهور آخرين. لم يكن معظم نواب البرلمان الحاليين أفرادا من النخب أو الطبقة الأرستقراطية القديمة أو البرجوازية أو النخب المثقفة قبل عام 2019. وسيكون من الأنسب تأطيرهم كمشتغلين في المجال التشريعي داخل التقسيم الرأسمالي للعمل. هم يتقاضون رواتبهم للتصويت على القوانين التي أعدها الآخرون. أما بالنسبة للرواتب المنخفضة نسبيا لأعضاء البرلمان في تونس، فليس لديهم الوسائل ليكونوا نوابا وظيفيين بالكامل وأن يكونوا مستقلين سياسيا عن مصالح الشركات. السلطة الوحيدة التي يتمتعون بها هي عرقلة القانون، وإبطاء العمليات التشريعية، والضغط من أجل تعديلات غير جوهرية للقوانين التي قدمتها السلطة التنفيذية للحكومة.

 

ما الذي يمكن أن يفعله سعيّد لمعالجة القضايا الهيكلية بالفعل؟

 

يتمتع سعيّد كرئيس بثلاث صلاحيات. لديه سلطة على القوات المسلحة بما في ذلك توزيع الموارد. وهذا يعني أنه كان بإمكانه التصرف بناء على التوسع السريع للجيش وإعادة توزيع الأموال – للمعدات العسكرية التي تم الحصول عليها لتحسين إمكانية التشغيل بينه وبين الجيوش الأخرى – في مكان آخر، وهو لم يفعل ذلك. ليس من المفترض أن تحاكم المحاكم العسكرية المدنيين، لكن لها الحق في محاكمة أفراد قوات الأمن، بما في ذلك الشرطة. وكان بإمكانه استخدام القضاء العسكري لمحاسبة وزارة الداخلية، وهو لم يفعل ذلك أيضا. كما لديه سلطة على الشؤون الخارجية. لكن لا يوجد تحديد في الدستور [حول] ما إذا كان ينبغي اعتبار الشؤون الخارجية سياسية أو اقتصادية أو كليهما. وبما أننا نعلم استعداد سعيّد لاستخدام القانون لصالحه، نرى أنه كان بإمكانه التدخل في العلاقات الاقتصادية الثنائية ومتعددة الأطراف، على سبيل المثال في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي أو الاتحاد الأوروبي. إذ تضطلع هذه المؤسسات المالية الدولية بدور كبير، إن لم نقل أهم دور، في تشكيل السياسات الاقتصادية في تونس التي تؤثر بشكل مباشر على الظروف المعيشية للتونسيين. كما كان بإمكانه تقليص هامش تدخل وزارة الخارجية وكان بإمكانه فعل نفس الشيء مع وزارة التعاون الدولي أيضا. لكنه لم يفعل ذلك. بالإضافة إلى ذلك، يتمتع الرئيس بصلاحية عرض القوانين على البرلمان وتتمتع هذه القوانين بأولوية التداول عليها عند عرضها على البرلمان. لكنه لم يفعل ذلك [أيضًا].

 

بعد 25 جويلية، كان بإمكانه إعادة تفعيل القوانين الموجودة بشأن مصادرة أصول الأشخاص الذين استفادوا من علاقاتهم بعائلة بن علي، أو مصادرة البنوك التي تم تأسيسها في ظل نظام بن علي بناء على ارتباط أصحابها برموز النظام، بما في ذلك الفاعلين الكبار مثل بنك “بيات” (BIAT)، أحد أقوى البنوك في تونس، وهو مملوك لأصهار بن علي. وبدلاً من ذلك، أصر سعيّد على أنه لن تكون هناك مصادرة. لذلك يُنظر إليه على أنه لا يقوم بتفكيك النظام ولا يمنع هروب رأس المال ولا يدفع من أجل اعتقال رجال الأعمال الفاسدين.

 

هل ما زلنا نفترض أننا نتعامل مع شخص يدرك جيدا الوضع السياسي، ويعرف أنه ليس لديه قاعدة سياسية وأنه بحاجة إلى مستوى معين من الدعم سواء من الشارع أو من مؤسسات معينة مثل الاتحاد العام التونسي للشغل أو أطراف من النخب؟

 

لم يتحرك سعيّد على الفور بل كانت هناك لحظة حرجة عندما كان الدعم له في ذروته كان بإمكانه خلالها القيام بالأشياء. لكن في الوقت الحالي، ربما يكون الزخم قد ولّى. فمستوى عدم اليقين مرتفع للغاية في الوقت الحالي. والنخب السياسية لا تحب عدم اليقين وقد تحصل على الدعم من التيارات الراديكالية والنشطاء الأكثر استعدادا لتحمل المخاطر. لكنك لا تحصل على دعم المؤسسات الرئيسية مثل الاتحاد العام التونسي للشغل بهذا المستوى من عدم اليقين. بالإضافة إلى ذلك، انضم سعيّد إلى بعض الأنظمة غير التقدمية، على سبيل المثال الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والبحرين ومصر والجزائر. حتى الإتحاد العام التونسي للشغل يشكو من هذا وهناك المزيد والمزيد من المنظمات والأحزاب الذين يشككون في هذا الانضمام. أما بالنسبة لنخب رجال الأعمال فهي مشككة أيضا في سعيّد [بسبب تناقضه]. هو بعث ببعض الرسائل الإيجابية، لكنه لا يحب الخصخصة ويعارض التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي. يريد العمل معهم، لكن لا يبدو أنهم [مهتمون]. حتى القوى الغربية لا تثق به. ليس لديه حلفاء استراتيجيون، وهو يفقد الدعم بالفعل.

 

في الواقع ، يبدو أن الوضع الحالي لا يدعم أي تغيير جذري. ما زالت الليبرالية الجديدة مهيمنة. اليسار التونسي ضعيف للغاية وليس لديه موقف متماسك. كما أن اليسار ليس لديه بديل للحاضر ولا يوجد مؤيدون كثر له للقيام بتغيير جذري. وكما قال أنطونيو غرامشي، من السابق لأوانه أن ينتقل اليسار من حرب المناصب  إلى حرب المناورة.

محتوى هذا النص لا يعبر بالضرورة عن موقف مؤسسة روزا لكسمبورغ