المنظومة التّشريعيّة والقانونيّة للمياه في تونس: قراءة تحليليّة ونقديّة
بقي الماء دوما مرتبطا بالحياة و بالحضارة. فلإنسان لم يكن يفكّر في الاستقرار الا بقرب منابع المياه لأنها الوحيدة القادرة على جعله مستقرا ارتباطا بكون الماء هو العامل الاساسي للزراعة و للشرب و لتربية الحيوان.
وامام هذه الاهمية الحياتية للماء في تاريخ الانسان، كان لازاما عليه و خاصة امام تطور عدد السكان و ضرورات الاستقرار و ما تعنيه من تكاثر و من تعدد لاستعمالات الماء في العديد من المجالات ان يقنن الماء و مجالات استعمالاته بشكل يضمن لكل الناس الحق فيه و خاصة للشرب و السقاية و الري.
لكن التقنين لم يكن بالضرورة في اطار قوانين ومجلات واوامر بل تطور التقنين بتطور و تعقد الحياة و تعدد مجالات استعمالات المياه. فتطور تقنين الماء من الاتفاقات الشفوية بين الناس و خاصة بين القبائل، الى الاتفاقات الكتابية حول تقسيم منابع الماء الى التقسيم الفعلي عبر قنوات توزيع الماء و ايصاله مثل مشروع ابن شباط بتوزر خلال القرن الثالث عشر ميلادي.
تمثل القوانين العصرية و خاصة المجلات القانونية الخاصة بالتشريع المائي نقلة نوعية في التحكم في الملك العمومي للمياه و محاولة حمايته و التحكم في استعمالات الماء في جميع المجالات.
من خلال الممارسة الميدانية للمواضيع المرتبطة بالماء، تبين ان الاغلبية العامة من السكان بمن فيهم المختصون بالقانون ليس لهم معرفة او دراية بالاطار القانوني و التشريعي للماء في تونس، و ذلك مرتبط بغياب كلي لثقافة الماء و اعتبار الماء مادة موجودة قابلة للاستغلال فقط و لا تنضب ابدا. و بالتالي فهي ليست مهمة و تتطلب قوانين لتنظيم استعملاتها.
وحتى نساهم في ارساء ثقافة قانونية مواطنية للمياه في تونس، وفي اطار انجاز مشروع “التقييم المواطني للماء و اطاره التشريعي في تونس” من طرف جمعية “نوماد 08” وبتمويل من منظمة “روزا لوكسمبورغ” نقدم لكم هذه القراءة التحليلية و النقدية للإطار القانوني والتشريعي للماء في تونس، اضافة الى القراءة النقدية لمشروع مجلة المياه الجديدة.