مايو 30, 2024
مع مارك جمال: ملامح جيل جديد من الترجمة العربية
حوار من قبل هيلان الماجري و أمين الحرشاني
لعوامل عدة، لم تتبلور معالم حركة الترجمة المباشرة للآداب الإسبانية للعربية إلا في مرحلة نسبية متأخرة – أوساط القرن الماضي – وارتبطت تحديدا بالنص الكلاسيكي الأشهر ” دون كيخوته” ولكن مع ذلك فإن هذه الحركة لم تبلغ أوجها إلا مع الجميل الموالي وتحديدا مع تجربة المترجم السوري صالح علماني والذي لم يقتصر دوره على ترجمة عيون الأدب الناطق بالإسبانية، بل ونجح في تعريف العرب على التيارات الحديثة في الرواية اللاتينية كالواقعية السحرية مع أشهر ترجماته لأعمال غابرييل غارسيا ماركيز وفي الوقت نفسه إيصال هذه التجارب إلى جماهير القراء على اختلافها. ولتكون ثمار هذه المسيرة في النهاية، منح الترجمة من/ إلى الاسبانية المكانة الثابتة في أدفاق الترجمة الأدبية العربية اليوم.
وهذه المكانة الثابتة، لم تقتصر على تجربة الجيل الثاني من أمثال صالح علماني وغيره، وإنما تعدتها للجيل الجديد من المترجمين، ومن بين هؤلاء المترجمين الشبّان نجد المترجم المصري مارك جمال، والذي تمنحنا تجربته – التي انطلقت سنة 2016 مع صدور ترجمته لعمل إكتور آباد فاسيولينسي: النسيان – مثالا على ازدواجية وسعي للتوفيق بين استكمال مشروع علماني وغيره في ترجمة عيون الأدب الناطق بالإسبانية وبين البحث عن أسماء جديدة وتعّريف القارئ العربي على تجارب أخرى فريدة و راهنة.
وبالنسبة للهدف الأول، يمثل إعادة ترجمة رائعة ماركيز الأخرى “خريف البطريرك” من طرف الأخير، مثالا عن هذا التوجه لاستكمال ما يمكن أن نطلق عليه نقل الأعمال المكرّسة والكلاسيكية للأدب الناطق الإسبانية، ولعل تتويج هذه الترجمة بجائزة حمد للترجمة والتفاهم سنة 2023، اعتراف واضح بهذا المسار والخيار، والذي تعضده أعمال أخرى سعى جمال لنقلها للعربية لعل أبرزها “الخالة خوليا وكاتب السيناريو” التي صدرت مؤخرا بالرغم من كونها واحدة من أعمال ماريو بارغاس يوسا القديمة.
وفي مقابل ذلك، عمل الأخير على ترجمة جملة من الأعمال المختلفة عن المتخيل عربيا ربما حول الأدب اللاتيني من قبيل حصره في الواقعية السحرية، والعاكسة لتجارب جديدة في الكتابة والنثر سواء كانت أعمالا روائية أو حتى سيرية من قبيل بريد الذكريات لإيما رييس أو النسيان لإكتور آباد فاسيولينسي وغيرها من الأسماء التي لم يسبق في أحيان كثيرة للقارئ العربي أن تعرف عليها.
لكل ما سبق، يأتي هذا اللقاء كمحاولة لتقديم هذه التجربة الفريدة في جمعها بين مسّارات عدة للقارئ التونسي ولأول مرة، عن كثب.
هيلان الماجري و أمين الحرشاني