مع عادل عصمت: ملامح من المجتمع المصري في الرواية

مايو 2024
حوار من قبل حبيبة عليّة و حلمي الشيخاوي

يأتي هذا اللقاء مع الروائي المصري عادل عصمت في سياق ما سبق وأن أشرنا إليه منذ البداية، أي الانفتاح على مسارات الالتزام المختلفة للأدب الشمال إفريقي، وتحديدا أصواته وتجاربه المختلفة عن السائد أو المتعارف عليه، خاصة حول الأدب المصري وتجربته الرائدة في الرواية، وتحديدا تجربة نجيب محفوظ. وعادل عصمت كأديب ينتمي للجيل الموالي لجيل محفوظ وغيره، يعكس فرادة أو خصوصية عن بقية أقرانه. وهي خصوصية تتبلور في التجديد على مستوى القص والأساليب والتقنيات الروائية من جهة وتطرقه لمواضع مختلفة ومميزة في عدد من أعماله. وقد أصدر عصمت عددا من الروايات الهامة مثل “الرجل العاري”، و”أيام النوافذ الزرقاء”، و”حياة مستقرة”، و”هاجس موت”، و”صوت الغراب” و “الوصايا” التي دخلت إلى القائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية، وغيرها من الأعمال التي عكست خصوصية تجربته وثرائها.
فعلى مستوى التقنيات، مثلّت روايته الأحدث “الوصايا” والتي أمضى في كتابتها حوالي 20 سنة، مثالا على طابع جديد هو الحضور المكثف لأدب الشذرة والحكمة والزهد ربما حتى في بنية النص وقصر جمله وتراكيبه وهو ما قطع من خلاله مع السرد المسترسل والمطنب، وهو ما لا نلاحظه مثلا في بعض أعماله القديمة. وتلك بطبيعة الحال نتيجة متوقعة لكاتب يعتبر كلّ عمل جديد “ورشة” عمل وتجريب مختلفة، لا تخضع لقيد أو قولبة.
“أنا الآن أكتب بحرية، لست مجبرا على شيء” هكذا تحدث عادل عصمت إثر صدور آخر أعماله الوصايا، ومع ذلك فإننا نسعى هنا من خلال هذا اللقاء للوقوف على مظاهر هذه الحرية والتحرر لا فقط من قيود النثر الرسمية، بل وخاصة على مستوى المواضيع والإشكاليات التي طرحها. وهنا ربما نختلف قليلا مع السيد عصمت، فطيف هذا التحرر لا نعاينه فقط مع آخر أعماله “الوصايا” وإنما قبلها بسنوات عدة مع تجارب مثل روايته “صوت الغراب” الصادرة سنة 2017، والتي كانت معالجة رمزية – على طريقة انمساخ كافكا- للمشاكل النفسية والاضطرابات العقلية، في ظل واقع مجتمعي لا يتمثل مسائل الصحة النفسية ودواخل النفس البشرية إلا بطريقة عجائبية وخرافية وقبلها “حكايات يوسف تادرس” الحائزة على جائزة نجيب محفوظ (2016) والتي لا تمنحنا فقط جولة داخل المجتمع القبطي المصري والكنيسة القبطية في جمعيّتها وإنما أيضا لدروب الأفراد داخلها وأزمات الانتماء وللمسيرة المخصوصة للراهب الفنان يوسف نحو الحقيقة والتنوير.
وإجمالا، فإننا نسعى هنا لنقدم للجمهور التونسي ولأول مرة داخل فضاء معرض الكتاب، الفرصة للتعرف على هذا القلم العربي المخصوص.