مستقبل التنمية بالحوض المنجمي بعد أو بدون فسفاط
يقع الحوض المنجمي بالجنوب الغربي للبلاد التونسية وينتمي اداريا لولاية قفصة. ومنذ اكتشاف الفسفاط على يد المستعمر سنة 1883 والمنطقة تقدم الثروة الفسفاطية وبشكل مجحف، ورغم ان طرق الإستغلال ومنظومة المعالجة وتقنيات التحويل تطورت بتطور العلم والتقنية، مما جعل الانتاج يصل سنة 2010 الى حدود 12 مليون طن من الفسفاط الخام و 8.5 مليون طنا من الفسفاط التجاري، وهو ما يعني موارد مالية تتجاوز سنويا 4 مليار دينار، الا ان حالة مناطق الحوض النجمي لم تتغير بل يمكن القول انه خلال العشرين سنة الاخيرة قد فقدت ابسط مقومات الحياة من خدمات عامة والحد الادنى من البنى التحتية.
إن لم نقل إن الحوض المنجمي تراجع على ما كان عليه خلال الستينات والسبعينات عندما كانت شركة فسفاط قفصة هي المتكفلة الحقيقية بالمنطقة وليست الدولة.
انطلاقا من سنة 1985 تاريخ الشروع الفعلي في تطبيق مشروع الاصلاح الهيكلي المفروض من طرف صندوق النقد الدولي، تعرضت شركة فسفاط قفصة الى عملية تطهير واسعة تخلت بموجبها عن أكثر من 5000 عون في أقل من 5 سنوات وأغلق تبعا لذلك باب الانتداب بها وهي المشغل الاساسي والوحيد بمنطقة الحوض المنجمي. فانتشرت البطالة في كل المستويات، وتراجع حضور الدولة والشركة، فأصبحت المنطقة في عزلة تامة عن الدورة الاقتصادية رغم انها تساهم بأكثر من 30 بالمائة من موارد الدولة وخاصة من العملة الصعبة.
فتراجعت تبعا لذلك كل المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والبشرية لتتحول منطقة الحوض المنجمي إلى بؤرة للبطالة والتهريب والجريمة المنظمة والتهميش، وتبعا لتراكم هذه الضغوطات الاجتماعية والبشرية انفجرت المنطقة في سنة 2008 وهو ما بات يعرف بأحداث الحوض المنجمي التي التحم خلالها كل متساكني المنطقة ضد سياسة الإستغلال والتهميش والبطالة و”الحقرة”، ولقد دامت هذه التحركات أكثر من 6 أشهر وكانت الضريبة 5 شهداء والسجن والتشريد والقمع للعديد من مناضلي الجهة.
لكن بعد 14 جانفي، وامام تواصل نفس سياسة التهميش والإستغلال للمنطقة، وفي ظل سياسة تخريب ممنهجة لشركة فسفاط قفصة، فانه بات من الضروري دراسة معمقة للمنطقة وتقديم اقتراحات في إطار برنامج تنموي متكامل بدون فسفاط، يستغل خصوصيات الجهة وثرواتها الطبيعية والبشرية.
في هذا الإطار، ومساهمة منها في تقديم المقترحات الكفيلة بزحزحة التنمية في المنطقة وبطريقة تشاركية مع أهاليها، تنجز منظمة “روزا لكسمبورغ ” هذه الدراسة “مستقبل التنمية بالحوض المنجمي بعد او بدون فسفاط” ووفق التمشي المنهجي التالي:
- تشخيص دقيق للوضع الاجتماعي والاقتصادي والبيئي والبشري والثقافي لمنطقة الحوض المنجمي بالتواصل والتعاون مع اهالي المنطقة في إطار مقاربة تشاركية
- تقييم هذا الوضع وربطه بالخيارات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية المتبعة من طرف السلطة، وابراز نتائجه على المنطقة ككل مع الاعتماد على الاستمارات والمعاينات الميدانية
- تشخيص دقيق كمي ونوعي لكل الثروات المتاحة بالمنطقة وكل الإمكانات التنموية المتوفرة على المستوى الطبيعي والبشري والثقافي بما في ذلك ما يمكن ان توفره بشكل مباشر او غير المباشر شركة فسفاط قفصة كل ذلك بتشريك اهالي المنطقة في كل المسارات
- اعداد بطاقات فنية دقيقة لكل المشاريع الممكن انجازها بالمنطقة مع تحديد مواقعها وكلفتها التقديرية والاطراف الممكن ان تتدخل في انجازها مع التركيز على البعد الاقتصادي والاجتماعي التضامني خاصة بالنسبة للمشاريع الصغرى كل ذلك في إطار عملية تشاركية مع سكان الحوض المنجمي المعنيين بالتنمية
انطلاقا من هذه المنهجية، فان الدراسة ستكون وفق ثلاثة اقسام:
- القسم الاول:
تشخيص الواقع الحالي للحوض المنجمي وتقييم آثار إستغلال الفسفاط على كل المستويات
- القسم الثاني:
تشخيص كمي ونوعي لكل مصادر الثروة القابلة للإستغلال بالمنطقة والإمكانات المتاحة من طرف نشاط شركة فسفاط قفصة، وتبويبها حسب الأهمية والمردودية وملاءمة إستغلالها مع متطلبات الجهة
- القسم الثالث:
معالجة وتحليل نتائج الإستبيان الميداني، واقتراح مشاريع تنموية محددة ودقيقة، في شكل جذاذات مشاريع